languageFrançais

ولادة تحت الأنقاض وحرمان من الفوط الصحية.. جراح لا تُرى للنساء في غزة

في خضم الحرب المستمرة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة منذ سنة كاملة، تتعرض 'الغزاويّات' لوضع إنساني كارثي، حيث يُحرمْن من أبسط حقوقهن الإنسانية، بدءًا من الرعاية الصحية أثناء الحمل والولادة، وصولًا إلى عدم القدرة على توفير مستلزمات النظافة الشخصية مثل الفوط الصحية. 

هذه المعاناة ليست فقط جسدية بل نفسية واجتماعية، إذ تُجبر النساء على تحمل أعباء الحرب بكل تفاصيلها القاسية وسط غياب شبه كامل لأيّ دعم أومساندة.

الولادة تحت القصف.. رعب بلا رحمة

تتحول لحظات الولادة، التي من المفترض أن تكون من أسعد اللحظات في حياة المرأة، إلى كابوس يومي للفلسطينيات في غزة. 

فبسبب القصف المستمر وتدمير المستشفيات، تضطر العديد من النساء إلى الولادة في المنازل أو في مراكز إيواء مكتظة وداخل الخيم، دون رعاية طبية كافية أو أدوية لتسكين الألم.

بعض الحكايات تروي ولادة نساء تحت الأنقاض، أو في الشوارع أثناء الهروب من القصف، مما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.

ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، فإن أكثر من 50 ألف امرأة حامل في غزة يعانين من نقص حاد في الرعاية الصحية، مع توقف العديد من المراكز الطبية عن العمل بسبب نقص الكهرباء والوقود والإمدادات. كما أن الإجهاد النفسي الناتج عن الحرب يزيد من احتمالات الإجهاض والولادة المبكرة، مما يفاقم المأساة.

نقص الفوط الصحية: انتهاك للكرامة الإنسانية

بالإضافة إلى أزمة الرعاية الصحية، تواجه النساء والفتيات في غزة أزمة أخرى تُعد من أكثر القضايا حساسية، وهي عدم القدرة على الحصول على الفوط الصحية. 

فبسبب الحصار والحرب، أصبحت هذه المستلزمات الأساسية شبه معدومة في الأسواق، أو بأسعار خيالية لا تقدر عليها الأسر التي تعاني من الفقر المدقع.

وتضطر العديد من النساء إلى استخدام قطع من القماش أو أوراق جرائد بدلًا من الفوط الصحية، مما يعرضهن لالتهابات وأمراض خطيرة. 

هذه الأزمة ليست فقط صحية، بل هي انتهاك صارخ لكرامتهن الإنسانية، حيث يُجبرن على الاختيار بين شراء الطعام لأطفالهن أو تأمين مستلزمات النظافة الشخصية.

غياب أبسط مقومات الحياة اليومية

الحياة اليومية للنساء في غزة أصبحت جحيمًا لا يُطاق.. فبالإضافة إلى الخوف الدائم من القصف، يعانين من نقص المياه النظيفة، وانقطاع الكهرباء، وعدم وجود أماكن آمنة للنظافة الشخصية. 

كثيرات منهن يُجبرن على السير لمسافات طويلة تحت تهديد القناصة للحصول على مياه شرب أو غسل ملابسهن.

الأمهات أيضًا يتحملن عبء رعاية الأطفال في ظل ظروف غير إنسانية، حيث يُحرمن من النوم بسبب القصف، ويواجهن صعوبات هائلة في تأمين الغذاء والدواء لأسرتهن. كل هذه الضغوط تزيد من معدلات الاكتئاب والاضطرابات النفسية بين النساء، دون وجود أي دعم نفسي أو اجتماعي يُذكر.

الغزّاويات يدفعن ثمن حرب لم يخترنها

معاناة النساء في غزة ليست مجرد أرقام أو تقارير إعلامية عابرة، بل هي واقع يومي من الألم والمذلة. العالم يتفرج على انتهاك حقوقهن الإنسانية الأساسية، بينما تستمر آلة الحرب في تدمير كل مظاهر الحياة الكريمة.

الغزّاويات يتحملن عذابًا مزدوجًا.. عذاب الخوف على أطفالهن من القصف والجوع، وعذاب العجز عن تلبية أبسط احتياجاتهن، مثل تأمين حفاضات للرضع أو فوط صحية لبناتهن.

أما الفتيات الصغيرات، فبدلًا من أن يكنّ مشغولات بدراستهن وأحلامهن، أصبحن يواجهن كابوس البلوغ في خيمة نزوح بلا ماء نظيف، أو يعانين من آلام الدورة الشهرية دون أدوية أو فوط صحية، بل وقد يتعرضن للعنف أو الزواج المبكر كوسيلة للهروب من الفقر الناتج عن الحرب.. هؤلاء الفتيات يفقدن براءة الطفولة ويُدفعن إلى عالم الكبار القاسي قبل الأوان.

الحرب لا تدمر المنازل فحسب، بل تدمر أحلام الأمهات في تربية أطفالهن بأمان، وتسلب الفتيات حقهن في حياة طبيعية. 

ومع كل قصف تزداد جراحهن النفسية عمقًا هي جروح من نوع خاص لا تندمل بسهولة، حتى لو انتهت الحرب. 

 

*أميرة العلبوشي